Wednesday, May 29, 2013

العودة للأوراق القديمة - إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى

الخميس  16 أغسطس 2001م

إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى
قرأت أن الأديبة الفلسطينية مي زيادة كانت تعلق في صدر صالونها لوحة مكتوب عليها من شعر الإمام الشافعي ما يلي:
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى
وحظك موفور وعرضك  صين
لسانك لا تذكر به عورة أمرئ
فكلك عورات وللناس أعين
وعينك إن أبدت لك معايباً
فصنها وقل ياعيني للناس ألسُن
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسن
وربما أن كثيراً من أدبائنا وكتابنا يعرفون هذا الشعر عن الإمام الشافعي، ولكن المعرفة به شيء،  والعمل به شيء آخر،  نسأل الله الهداية .

العودة إلى الأوراق القديمة - نعمة الجهل

السبت  19 سبتمبر 1998م


الجهل أحياناً ما يكون نعمة
قرأت في ملخص الصحف الأسبوعي (الملف الصحفي) الذي تصدره شركة تهامة ، هذه الأبيات للشاعر أحمد مطر (القبس 24/4/1419هـ) :
قال:  لا أدري لماذا
كلما شاهدتم السلطان
تزدادون غمّاً !
قلت : لا تحزن
لأن الله لم يرزقك علماً
إن بعض الجهل نعمى
ليس من يسمع بالسمَّ
كمن تجرع سماً
أنت لا تدري لماذا
وبهذا ينبغي أن تشكر الله على
أنك أعمى!

Tuesday, May 28, 2013

العودة إلى الأوراق القديمة - عندما أرحل

الأحد  22 نوفمبر 1998م

عندما أرحل
عندما أرحل لن تشعر الدنيا بغيابي ،  فما أنا إلا  ذرة ضئيلة من ذرات  هذه الحياة التي تمضي يوماً بعد يوم منذ أن بدأ الله الخليقة .  وسوف تستمر الشمس تشرق من المشرق وتغروب في المغرب ، والعالم يدور حول نفسه ، وسوف تستمر نسمات البحر تهب وتملأ رئات أهل البحر بعبيرها وطراوتها ، وستستمر أمواج البحر تتكسر على السواحل وأطراف الشعبان ، غير عابئة بأن أحد محبيها قد غاب  إلى حيث  لا رجعة .  فسبحان الله الدائم ،  الحي الذي لا يموت  ، يسبح له من في السماوات والأرض ، وهو على كل شيء قدير . اللهم أحسن خاتمتنا  وتوفنا وأنت راضٍ عنّا  ،  فليس لنا ملاذ سواك ، لا إله إلا أنت.

العودة إلى الأوراق القديمة - تبر وتراب


 الاثنين  23 مارس 1998م

تبر وتراب

عجبت من أمر قوم يزرعون وعندما يأتي وقت الحصاد يقلعون ما زرعوا ويلقون به على عارضة الطريق وكأنه لم يكن ويزرعوا غرسا آخر من جديد وهكذا.  هذا هو الحال في بلادنا ،  يستثمرون في الإنسان حتى إذا ما حان وقت نضوجه وقمة عطائه ألقوا به خارج مجرى الحياة العامة  وكأنه لم يكن .. فأستاذ الجامعة،  يحال للتقاعد عند بلوغه سن الستين ،  والمسئول السابق يُنسى ولا تكاد خبرته التي اكتسبها في عمله تعني شيئاً لمن حوله ولمن جاء بعده، اللهم إلا من رحم ربي، وهم قلة.
   والله المستعان .

Monday, May 27, 2013

العودة إلى الأوراق القديمة - هل يجتمع الضدان ؟

هل يجتمع الضدان ؟

هل من الممكن أن يجتمع الضدان؟ الخير والشر، الكرم والبخل؟ في رأيي أنهما لا يجتمعان في شخص واحد لأن لكل واحد منهما مناخا خاصا يحيا وينمو فيه.
نسمع كثيراً عن أن فلاناً رجل فاضل لأن هذا ما يرى بعض الناس فيه، ولكن قد يرى آخرون جوانب الشر في نفس هذا الرجل،  فإذاً فهو لا يمكن أن يكون فاضلاً وشريراً في نفس الوقت، والاستنتاج الطبيعي أنه في هذه الحالة  لا بد وأن يكون هذا الإنسان شريراً بطبعه، وأن صفات الفضيلة التي تظهر عليه ما هي إلا ستار يحاول أن يخفي به طبيعته الحقيقية. وفي هذا المجال يقول الأديب حمزة شحاتة في سياق محاضرته الشهيرة - الرجولة عماد الخلق الفاضل -  إن " الرذيلة لا تنتصر إلا متى كان صوتها قوياً، وصوتها لا يكون قوياً إلا إذا نفخت في بوق الفضيلة"،  ولكن هل يمكن أن يكون نفس هذا الإنسان  فاضلاً، وأن صفات الشر التي تظهر فيه ما هي إلا ستار يريد أن يخفي به حقيقة نفســه الفاضلة؟  الجواب هو "لا" ،  وذلك لأن الإنســان  بطبعه يظهر صـفات الفضـيلة إذا ما توفرت فيه أو إذا ما اســـتطاع التظاهر بها ، أما صفات الشر فالإنسان بطبعه يحاول أن يخفيها و تظهر في أعمال تتم في الخفاء وبمنأى عن نظر الناس ، أو هكذا يخيل إليه .
جدة الخميس ١٩٩٨/٣/١٩م

عودة إلى الحارات القديمة

العودة إلى الحارات القديمة

مقدمة

شاءت الأقدار أن أعود أنا وعائلتي (زوجتي وإبنين) إلى جدة مسقط رأسي في عام ١٩٨٠م لأقيم فيها بصفة دائمة بعد غربة طويلة دامت خمسة وعشرون عاما، العشرة الأخيرة منها قضيتها في الرياض، والخمسة عشر الأولى قضيتها في طلب العلم مابين مصر والولايات المتحدة الأمريكية تزوجت خلالها ورزقني الله بإبنين لم يعرفا من الوطن سوى مدينة الرياض. بعد أن إستقر بنا الحال في جدة أردت أن أعرف إبني بالبلد وبالذات حارة البحر حيث ولدت ونشأت فأصطحبتهما في جولة بدأتها بالموقع الذي كان فيها بيت العائلة والذي كان معروفا في أوساط العائلة بإسم "البيت الكبير" وللغير كان معروفا بإسم "بيت أبوبكر". وبالأمس بينما أنا أبحث في أوراقي وملفاتي القديمة وجدت دفيترا صغيرا سجلت عليه بعض إنطباعاتي على أثر هذه الجولة بعنوان "عودة إلى الحارات القديمة" أسردها فيما يلي:

 عودة إلى الحارات القديمة

فيما يبدو أن الحنين إلى الماضي جزء من المشاعر الإنسانية التي تتملك كل فرد منا. والغالب أن هذا الشعور يولد إحساسا بالرغبة في تخيل العيش، ولو للحظات، في فترة ماضية - وتركيبة الماضي هي الزمان والمكان - والزمان لن يعود، وهذه سنة الحياة، أما المكان فبالإمكان المحافظة عليه والعودة إليه متى أردنا - من هذا المنطلق إصطحبت إبني اللذين ولدا وترعرعا بعيدا عن مدينة جدة - وعندما عاشا في جدة أقاما في الأحياء الجديدة ولم يريا شيئا من الأحياء القديمة. أردت أن أصطحبهما في جولة عبر الماضي
- ماضي أنا - لأريهما الأزقة والحواري التي لعب ومرح فيها والدهما وبني عمومته وبعض من أنداده. فأنا من جدة ومن حارة البحر بالذات.

بدأت جولتنا في نقطة خارج موقف سيارات المبنى الجديد لمؤسسة النقد الواقع جنوب المبنى - ولست أدري ما هي مشاعرهما وأنا أحاول أن أشرح لهما أن موقع بيتنا - البيت الكبير - كان على جزء من أرض هذا الموقف وعلى وجه التحديد في نفس المكان الذي كانت تقف فيه سيارة يابانية حمراء اللون في الركن الجنوبي الغربي من المواقف. وذكرت لهما أن أمام بيتنا كانت هناك برحة فسيحة معروفة بإسم "برحة بيت أبوبكر"- نلعب فيها الكرة ولعبة أخرى شبيهة بهوكي الثلج (Ice Hokey) فيما عدا أننا كنا نلعبها على التراب مستخدمين عصيا من الحطب وعلبة صلصة فارغة . وتذكرت ذلك البحار التركي الشاب الذي هل علينا مرة قادما من جهة الكرنتينا ويشاركنا لعب الكرة. وأستمر يعودنا فترة كلما رست سفينته في جدة. وجالت عيني في موقف السيارت أحاول أن أوقع المساحات المسجلة في ذاكرتي على المساحة التي أمامي ولكن أجد أن الفارق كبير وأن المساحات المسجلة في ذاكرتي أكبر من تحويها المساحة التي أراها أمامي - وأحاول المقاربة بين صور الماضي وواقع الحاضر وأختزل صور الماضي بقدر ما أستطيع. فتلك البرحة "الكبيرة" ربما لم تكن تزيد عن عدة أمتار طولا وعرضا، وذلك الزقاق الذي كنت أتخيله عريضا ربما لم يكن عرضه يزيد عن مترين. هنا كان بيت أبوصفية وهناك كان بيت أبو زيد ... وفجأة وجدت نفسي، وإبني بجانبي غير مقدرين دوافع مشاعري وحنيني، في أزقة خارج نطاق تجوالي في ذلك الوقت - أزقة لم أكن أجرؤ على الولوج فيها وحدي خشية أولاد الحارة المجاورة - حارة اليمن! (عند هذا الحد ينتهي ما سطرته بعد تلك الجولة قبل حوالي ٣٠ عاما).

برحة بيت أبو بكر في اربعينات القرن الميلادي الماضي


كانت البرحة محاطة من الجهات الأربعة: من الحنوب البيت الكبير "بيت أبو بكر" وبجانبه من ناحية الشرق بيت آخر من دور واحد يسكن فيه رجل كهل إسمه محمد الكبابجي وأختان إسمهما خضرة ونور عويسة (أعتقد أن الكلمة هي تأنيث "عويس" كما كانت العادة في تسمية النساء) مع إبنة الأول المتزوجة ولها إبن، ومن الشرق زاوية الشاذلية ومن الغرب بيت ملك لعمي حسن بكر ومؤجر كسكن للشيخ عبد الله السليمان وعائلته وفيه أيضا مكتبه الخاص وملحق به مطبخه الخاص القائم عليه الطباخ المشهور الشيخ عباس عشي ومساعده الشيخ صالح نشار ومن الشمال جراج يملكه الشيخ حسن سمكري ويستخدمه الشيخ عبد الله السليمان كجراج لسياراته . وكان للبرحة ٤ منافذ ، في كل ركن من أركانها الأربعة منفذ واحد.