Monday, September 9, 2013

محمد أسد يصف مقدمه إلى جدة للحج عام ١٩٢٧م

محمد أسد* يصف مقدمه إلى جدة على متن باخرة تحمل حجاجا عام ١٩٢٧م
"لقد كان بإستطاعة المرء أن يلمح، في جميع الجهات، أشباح سفن الحجاج، وبينها وبين اليابسة أقلام صفراء فاقعة وخضراء زمردية في الماء: شعاب مرجانية غائصة في الماء …... وورائها، نحو الشرق، كان هناك شيء يشبه الكثيب، مسود ومنخفض، ولكن ما أن ارتفعت الشمس من ورائه حتى انقلب إلى مدينة على البحر، تزداد بيوتها ارتفاعاً من طرفها إلى وسطها فتشكل بناءً دقيقاً من الأحجار المرجانية الحمراء والصفراء الداكنة. وشيئاً فشيئاً اصبح بإستطاعتك أن تميز النوافذ المنقوشة والمشبكة، وستائر الشرفات الخشبية التي خلع عليها الهواء الرطب على مر السنين لوناً أخضر داكناً وفي الوسط برزت منارة بيضاء مستقيمة كإصبع منتصبة".

ويصف الحاج محمد أسد إقبال سنابيك "المعادي" عليهم فيقول: "ومن ثم رأينا جيشاً من الأجنحة البيضاء يندفع نحونا من البر: الزوارق العربية التي مخرت بأشرعتها المياه الهادئة ، وشقت طريقها بصمت بين الشعاب المرجانية غير المنظورة - أول رسل جزيرة العرب ، مستعدة لاستقبالنا.

 وإذ إقتربت رويدا رويدا من السفينة لتزدحم آخر الأمر بصواريها المتمايلة  إلى جانبها ، إنطوت أشرعتها الواحد تلو الآخر كأنها أجنحة طيور تصفق فرحاً بعثورها على الطعام ، وأنبعث من صمت اللحظة المنصرمة صراخ و صياح من وسطها ، صياح الملاحين الذين أخذوا ينتقلون من زورق إلى زورق واندفعوا إلى سلم السفينة ليفوزوا بأمتعة الحجاج".


* محمد أسد، "الطريق إلى الإسلام"، الطبعة التاسعة ١٤١٨هـ/١٩٩٧م  نقله إلى العربية عفيف البعلبكي - دار العلم للملايين ، ص ٢٩٨ .