Saturday, March 1, 2014

العودة إلى الحارات القديمة - قصة البابور المحروق

 العودة إلى الحارات القديمة - قصة البابور المحروق

 مقدمة: 

ركام الباخرة المحروقة مرتكزا على شعب وسط بواخر راسية (من كتاب بيتشي)
عندما وعيت على الحياة في حارة البحر في وسط عائلة من أهل 
البحر كنت أسمع كلمة "البابور" تتكرر على لسان رجال العائلة - البابور واصل بكرة، البابور ندخ، البابور راسي، ... . وكانت كلمة "البابور" تعني الباخرة أو السفينة. وكان "البابور المحروق" معلم من المعالم البحرية في جدة. كان بإستطاعتنا مشاهدته من سطوح بيتنا الواقع على الواجهة البحرية لحارة البحر في مواجهة السور الغربي ومستودع الجازخانة. كما كان البابور المحروق معلم من المعالم البحرية لمدينة جدة. كنا نراه من بحر الردم وتمر بالقرب منه اللنشات وهي في طريقها إلى ومن جزيرتي أبو سعد والواسطة الواقعتين في مواجهة الساحل الجنوبي لمدينة جدة.

واقعة البابور المحروق:

في موسم حج عام ١٣٤٨هـ (١٩٢٩م) وصلت الباخرة آسيا التي تحمل العلم الفرنسي إلى ميناء جدة حاملة حجاجا من شمال أفريقيا وألقت بمراسيها في المرسى الداخلي للميناء (Inner Anchorage) ريثما ينزل الحجاج بأمتعتهم الى سنابيك المعادي التي تقلهم إلى الميناء على أساس أن تبقى في موقعها إلى أن يعود ركابها بعد إنتهائهم من أداء مناسك الحج. إلا أنه، فيما يبدو، كان هناك ترتيبا تقوم بموجبه هذه الباخرة  بنقل حجاج يمنيين وركابا آخرين إلى اليمن ومن ثم العودة إلى جدة لأخذ ركابها من حجاج شمال أفريقيا وإعادتهم إلى بلادهم.

البابور المحروق
وفي يوم ١٩٢٩/٥/٢١م صعد الركاب المتجهين إلى اليمن إلى
الباخرة على نية أن تبحر بهم فجر اليوم التالي. وبعد أن خلد
الركاب إلى مهاجعهم إستيقظوا بعد منتصف الليل على جرس
 إنذار الحريق حيث إندلعت النيران في أحد مخازن السفينة التي تحوي على مراتب محشوة بالقش. وللأسف، ولسبب ما، جاء جرس آلإنذار متأخرا فقد إنتشرت النيران في سائر أنحاء السفينة كما أن بحارة السفينة كانوا في مقدمة من غادرها فساد الهرج والمرج بين الركاب وتعثر إنزال قوارب الإنقاذ، وما أمكن إنزاله نزل مكفيا على وجهه وبعضها نزلت على رؤوس الأحياء الذين قفزوا في الماء فسحقتها. ولم تتمكن الزوارق التي سارعت إلى الباخرة المنكوبة من أحد السفن البريطانية التي كانت راسية على القرب منها، أو سنابيك المعادي التي سارعت من الميناء، من الإقتراب من الباخرة المنكوبة بسبب شدة اللهيب والحرارة. وكانت النتيجة المحزنة أن مات عدد كبير منهم إما حرقا أو دهسا أو غرقا* ونجا القليل الذين إستطاع رجال المعادي سحبهم أحياء من الماء ونقلهم إلى الميناء لتلقي العلاج اللازم. ويذكر الأستاذ محمد درويش رقام أن من بين نجوا أحد أبناء جدة ويدعى الشيخ عبد القادر شيخ المسئول عن شئون مقبرة الأسد ووالد محمد عابد شيخ أحد مديري  إدارة الجوازات بجدة السابقين الذي كان مسافرا إلى اليمن لرؤية أقارب له هناك.

وشكلت السلطات السعودية لجنة للتحقيق في أسباب الحادث والظروف التي أعقبت الحريق. كما إهتم جلالة الملك عبد العزيز (رحمة الله عليه) شخصيا بالأمرفوجه بتعزيز هذه اللجنة بثلاثة من كبار مستشاريه وإستكمال التحقيق.
http://www.shura.gov.sa/magazine/majalah102/majbdf/mnalzakrh.pdf

بقي ركام البابور المحروق في مكانه مدة طويلة إلى أن أزالته المؤسسة العامة للموانيء ربما في سبعينات القرن الميلادي الماضي.

* يقدر أنجيلو بيتشي في أحد هوامش كتابه (JIDDA - Portrait of an Arabian City) ص 142 عدد الموتى في الحادث بما يزيد عن ألف شخص بينما يذكر الأستاذ محمد درويش رقام أن إجمالي عدد الركاب لم يتجاوز الخمسمائة والله أعلم.

2 comments:

  1. والدي اخبرني ان جدي توفي في غرق سفينة في ميناء جدة عندما كان راجعا الى اليمن بعد اداء مناسك الحج . كيف يمكنني ان اتاكد من هذا . هل هناك قائمة باسماء الحجاج الذين توفو في هذا الحادث .

    ReplyDelete