Saturday, September 13, 2014

بحر الطين أم بحيرة الأربعين

بحر الطين أم بحيرة الأربعين؟



ميدان البيعة وبحر الطين (بحيرة الأربعين) عام ٢٠٠٩م

مقدمة

هذه المقالة هي محاولة لإلقاء بعض الضوء على خلفية تسمية هذا المسطح المائي الضحل الواقع شمال غرب منطقة البلد  ويتصل بالبحر عن طريق قناة كانت تتسع في فترة المد وتضيق، أو تكاد أن تجف، في فترة الجزر كما هو مبين في الصور أدناه. وقد عرف هذا المسطح المائي في الماضي بإسم "بحر الطين" إسوة ببحار جدة الساحلية الأخرى مثل بحر الحجر أمام الكنداسة وبحر أبو العيون وبحر الأربعين جنوب جدة. ولذلك فإن المسميات الحديثة التي أطلقت عليه وهي "بحيرة المنقبة" - Manqabah Lagoon - الذي أطلقه المؤرخ الأيطالي أنجلو بيشي في كتابه عن جدة والذي صدر عام ١٩٧٤م و "بحيرة الأربعين" الذي لم نعرف مصدره أو أساسه، تبدو خارجة عن نطاق المسميات القديمة الدارجة.

 وهذا البحر (بحر الطين) هو جزء من خليج جدة الذي تكون على مدى السنين بفعل السيول التي كانت تسيل من مرتفعات جبال السراة شرق مدينة جدة نحو  ساحل البحر الأحمرغربا مما سبب إنخفاض وطغيان مياه البحر عليه. ويذكر الأستاذ عبد القدوس الأنصاري (رحمة الله عليه) في موسوعة تاريخ مدينة جدة - المجلد الأول - ص ٢٣  بأن بحر الطين كان يمتد (في وقت المد) حتى يلامس مشارف مقر وزارة الخارجية الحالي ويكون ذلك في الشتاء إلا أن الأستاذ محمد درويش رقام يذكر أن هذا المد لم يكن يتجاوز طريق المدينة القديم.


جدة داخل السور عام ١٩٣٨م وبحر الطين في أعلا الصورة في الشمال الغربي منها

صورة جوية لمدينة جدة وما حولها على حافة خليج جدة عام ١٩٤٨م بعد هدم السور
 و بحر الطين مصدرا للطين المستخدم في البناء كمادة لاحمة بين طبقات الحجر المنقبي حيث كان "الطيانة" ينتهزون فترة الجزر فينزلوا إلى البحر ويقوموا بجرف الطين من القاع ويلقون به في الهواري التي يسحبونها خلفهم وبعد أن يمتلئ الهوري يعودون به إلى الشاطئ ويلقوا بحمولته على الساحل لكي تصفى منه معظم الماء ويكتسب قواما يسمح بتحميل الطين على العربات الكارو المخصصة لنقله لمواقع البناء المختلفة.


تفاصيل البناء بالحجر المنقبي والطين






صورة جوية مائلة لمدينة جدة وخليجها عام ١٩٥٥م (من أرشيف أرامكو)ه



 ويذكر الأستاذ محمد درويش رقام أن بحر الطين كان متنفسا للأهالي الذين كانوا يقصدونه في العصاري للنزهة والتفريج عن النفس.


صورة جوية مائلة من أرشيف أرامكو عام ١٩٥٤م يظهر فيها الممر المائي الذي يربط بحر الطين (إلى اليسار) بحوض الميناء على اليمين

مستقبل بحر الطين

ذكرنا أعلاه أن بحر الطين هو جزء من ساحل جدة الذي تكون منذ زمن بعيد نتيجة عناصر طبيعية ولذلك من الواجب المحافظة عليه من باب المحافظة على النظام البيئي للمنطقة. إلا أنه، وللأسف الشديد، تعرض إلى ردم مساحة كبيرة منه إلى جانب إلقاء مياه الصرف الصحي وبعضه غير معالج مما أى إلى تلوث مياهه إلى الحد الذي أصبحت فيه مصدر تهديد للصحة العامة. كما ساهم في تفاقم الوضع تضييق القناة الموصلة بينه وبين حوض الميناء القديم الذي تم دفن جزءا كبيرا منه كما هو واضح في الصور أدناه.

صورة من أرشيف أرامكو للساحل الشرقي لبحر الطين يظهر فيها مجرى مياه الصرف الصحي من محطة تنقية المجاري على اليمين


صورة من قمر صناعي عام ٢٠٠٤م تظهر فيها البلد وبحر الطين




صورة من قوقل يظهر فيها بحر الطين في الربع الأيمن الأعلى وما تبقى من حوض الميناء القديم في الربع الأيمن السفلي وقناة إتصالهما بالبحر