Monday, April 21, 2014

أول بيت شيد بالخرسانة المسلحة في جدة

مقدمة :

كان نمط البناء السائد في مدينة جدة حتى دخول العين العزيزية عام ١٩٤٧م قائما على البناء بنظام الحوائط الحاملة بإستخدام مواد البناء المتوفرة محليا: الحجر الجيري بنوعيه المنقبي والبحري، الطين البحري والخشب المستورد في أغلبه. وبالرغم من أن الإسمنت البورتلاندي قد عرف في أوروبا منذ عام ١٨٢٤م كما أن أول إستخدام الخرسانة المسلحة في البناء في أوروبا عرف منذ عام ١٨٤٩م إلا أن إستخدام الأخيرة في البناء في جدة بشكل واسع لم يبدأ إلا بعد دخول العين العزيزية عام ١٩٤٧م وذلك لأن الماء العذب يشكل عنصرا أساسيا في خلط الخرسانة وتفاعل الإسمنت لكي تكتسب الخرسانة معظم قوتها على مدى ٢٨ يوما من تاريخ صبها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد ذكر الأستاذ عبد القدوس الأنصارى في موسوعة تاريخ مدينة جدة أن فكرة إستخدام هذه المادة في البناء كانت مبعث تخرصات ونقد من كثير من الناس المشككين في قدرتها على التحمل وملاءمتها للمناخ السائد.


أول بيت شيد بالخرسانة المسلحة في جدة:


إن المعلومة المتداولة في هذا الشأن هي أن أول بيت شيد بالخرسانة المسلحة في جدة هو بيت زينل في حارة الشام. والمعروف أن بيت زينل في حارة الشام هو ذلك البيت الذي بناه الشيخ يوسف زينل (رحمة الله عليه) وسكنه هو وعائلته عام ١٩٤٠م ثم أستأجرته منه شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) عام ١٩٤٤م ليكون مقرا لمكتبها في المنطقة الغربية بعد إنتقاله من بيت باجنيد (بيت أميريكاني) الواقع أمام مقر القائمقام من جهة الغرب.

بيت زينل في حارة الشام عام ١٩٥٥م (من أرشيف أرامكو)



 وكان الإنطباع الدارج لدى الناس، وإلى وقت قريب، أن هذا البيت هو أول بيت شيد بالخرسانة المسلحة في جدة. إلا أن هناك بعض الشواهد التي أثارت الشك في صحة هذا القول. فمثلا هناك القصر الذي بناه المرحوم الشيخ علي العماري خارج السور شمال شرق البلد وعرف بإسم القصر الأخضر وسكن فيه الملك عبد العزيز بعد بيت نصيف وقبيل إنتقاله إلى قصر خزام في بداية ثلاثينات القرن الميلادي الماضي. ومن المعروف أن القصر الأخضر قد شيد بالخرسانة المسلحة كما نعتقد أن قصر خزام كذلك أيضا.



قصر العماري (القصر الأخضر) عام ٢٠١١م


 صحيح أن هذين القصرين يقعا خارج السور ولكنهما كانا سابقين لبيت زينل بعدة سنوات ولذلك فإن بيت زينل هذا لايعتبر "الأول" وكان الأولى القول بأنه "الأول داخل السور". ولكن حتى هذه العبارة غير صحيحة حسبما سنورده فيما بعد.
 
ذكر الأستاذ عبد القدوس الأنصاري في موسوعة تاريخ جدة أن أول منزل بني بالخرسانة المسلحة في جدة كان في عام ١٩٢٩م وهو "منزلا لآل زينل يقع قريبا من باب المدينة المنورة المعروف بباب جديد". وواضح هنا أن الأستاذ الأنصاري يقصد منزلا لآل زينل شيد عام ١٩٢٩م غير البيت الذي ذكرناه أعلاه والذي شيد عام ١٩٤٠م. وفي إعتقادنا أن هذا البيت - أو المنزل - الذي قصده هو البيت الذي كان ملكا للشيخ عبد الله على رضا قائمقام جدة في نهاية عهد الأشراف ومطلع العهد السعودي والذي آلت ملكيته فيما بعد إلى شركة الحاج عبد الله علي رضا والمعروف بإسم "بيت هولاندا".

وتبين الصورة الجوية (١٩٣٨م؟) المجاورة موقع كل من بيت زينل وهو مازال تحت الإنشاء (1) وبيت هولاندا (2) بالنسبة للسور الشمالي وباب المدينة.










بيت هولاندا عام ١٩٤٦م (من أرشيف KIT)
بيت هولاندا (الأول من اليمين) عام ٢٠٠٨م

Wednesday, April 2, 2014

العودة إلى الحارات القديمة - باب الصبة وباب البنط

 باب الصبة وباب البنط


مقدمة

من خلال مطالعاتنا لبعض ما كتب عن تاريخ مدينة جدة، وما يطرح على صفحات التواصل الإجتماعي، فقد لاحظنا أن هناك خلطا مستمرا بين باب الصبة، وهو واحد من أبواب السور الرئيسية، وباب البنط الواقع على الناحية الغربية من الفسحة التي تفصل بين السور وسور البنط والتي أصبحت فيما بعد جزءا من شارع الملك عبد العزيز. ويمكن أن نعزوا أحد أسباب هذا الخلط إلى عدم الإلمام بمراحل التغيير الذي طرأ على السور الغربي خلال النصف الأول من القرن الميلادي الماضي. ورغبة منا في توضيح الفرق بين البابين رأينا أن نكتب هذه الأطروحة مدعومة بمرجعين أساسيين هما "أطلس تاريخ جدة - الجزء الأول" للأستاذ عبد القدوس الأنصاري والأستاذ محمد درويش رقام وهو من أبناء حارة البحر - حيث يقع بابي الصبة والبنط - و هو من المعاصرين للسور قبل هدمه. كما إستعنا بصور قديمة من أرشيف أرامكو وصورة من مجموعة السير أندرو ريان أول وزير مفوض بريطاني للمملكة.
منظر جوي لقطاع من الواجهة الغربية للبلد عام ١٩٥٢م حيث تظهر منشآت البنط على اليمين وباب البنط (2) أمام موقع باب الصبة (1) وباب البندرول (3) إلى الجنوب منه (من أرشيف أرامكو)ه
باب الصبة عام ١٩٣٥م (أندرو رايان)ه

باب الصبة:

سبق وأن كتبنا عن سور جدة وبواباته، ومن بينها باب الصبة، في مقالة سابقة:
http://lostopportunitiesandwastedtimes.blogspot.com/2014/03/blog-post_29.html
وبالنسبة لباب الصبة يذكر الأستاذ عبد القدوس الأنصاري في موسوعة تاريخ جدة (الجزء الأول) أن باب الصبة هو أحد أبواب السور من جهة الغرب وسمي "باب الصبة" لأنه كانت تصب فيه الحبوب. وأوضح الأستاذ محمد درويش رقام بأن الحبوب الواردة من الجمرك كانت تصب أمامه حيث يتم وزنها و"تكييسها" ومن ثم نقلها لمستودعات التجار داخل البلد.

باب البنط وباب البندرول:

ذكرنا منشآت البنط في مقالة سابقة:
http://lostopportunitiesandwastedtimes.blogspot.com/2013/11/blog-post_29.html

إلا أننا لم نتحدث فيها عن باب البنط وإدارة البندرول وبابها.

باب البنط:

هو الباب المؤدي إلى ساحة البنط ومستودعات الجمرك ومكاتب إدارة الجمرك ومن ثم مرسى السنابيك. وهو يقع غرب موقع باب الصبة مباشرة.

نصب أقامته الأمانة إلى الغرب من موقع باب الصبة

باب البندرول:

يقع باب البندرول على صف باب البنط إلى الجنوب ويفتح على ساحة البندرول. وادارة البندرول هي الإدارة المختصة بتحصيل الرسوم على التنباك والتبغ والسجاير. (المصدر: الأستاذ محمد درويش رقام.

الخاتمة:

أردنا بهذه الأطروحة المختصرة توضيح العلاقة بين بابي الصبة والبنط لتكون مرجعا في الحاضر والمستقبل لمن غم عليه الأمر أو لمن أراد البحث في تاريخ البلد والله الموفق،،،