Friday, November 29, 2013

العودة إلى الحارات القديمة - ميناء جدة القديم - الإسكله والكرنتينه والبنط

  البنط

مقدمة: 

كان أهل جدة يطلقون مسمى "البنط"على ميناء جدة القديم والذي كان قبل تطور الشحن الجوي، وإنتقال المرفق إلى موقعه الحالي، بمثابة القلب النابض لمدينة جدة خاصة ومدن الحجاز عامة . فعن طريقه كانت تأتي مقومات الحياة الأقتصادية في الحجاز كالوقود والأرزاق والبضائع والحجاج والزائرين والتي كانت ترد على السفن التي ترسوا خارج الميناء وراء الشعاب المرجانية ويتولى رجال المعادي نقلها إلى البنط بواسطة السنابيك واللنشات. وللأسف الشديد فأنه بالرغم من هذا الدور الهام الذي لعبه الميناء القديم في وقته في حياة الحجاز عامة، والحرمين خاصة، ومدينة جدة على الأخص فأنه لم يقدر لهذا الدور أن يسجل بالتفصيل الذي يستحقه. ولربما أن خير من كتب شيئا في هذا الخصوص هو الأستاذ محمد صادق دياب في كتابه "جدة: التاريخ والحياة الأجتماعية" وهو من أبناء حارة البحر ووالده كان من طائفة المعادي (رحمة الله عليهما). كما ذكر الأستاذ محمد يوسف طرابلسي في كتابه "جدة .. حياة مدينة" بعض ملامح أعمال الميناء. وفي هذا المقال سنذكر منشآت البنط الرئيسية كما كانت قبيل إنتقال المرفق إلى موقعه الجديد جنوب جدة في منتصف خمسينات القرن الميلادي الماضي ووظيفتها وذلك من باب إلقاء الضوء عليها وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عنها.


مكونات ميناء جدة القديم: 

تشكل الإسكله (1) والكرنتينه (2) وجمرك الحجاج (3) والبنط (4) في مجموعها منشآت مرفق ميناء جدة القديم . ومن الواضح أن ثلاثة من هذه هذه المسميات ليست لها جذور عربية إلا أن القصد من الكتابة عنها هنا هو بيان دور كل منها في أعمال الميناء وليس الخوض في أصول وجذور هذه الأسماء.






























بعض شخصيات جدة واقفين على الإسكله ومعهم بعض الشخصيات الأجنبية

الإسكله:

هي الرصيف الذي ترسو عليه اللنشات، وهي الواسطة البحرية المستخدمة لنقل الركاب بين الميناء و السفن، وبين الميناء وجزيرة أبو سعد جنوب جدة حيث المحجر الصحي، كما كانت تستخدم للفسحة إلى بحر الردم و جزيرة الواسطة أو زيارة السفن الراسية في "الحوض" في فترة عيد الحج.
الحجاج القادمون بعد نزولهم على الإسكله في طريقهم إلى جمرك الحجاج
 لإستكمال إجراءات وصولهم ومقابلة وكلاء مطوفيهم




 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مبنى الكرنتينه (مكتبة الملك فهد العامة بالرياض)





الكرنتينه :

الكرنتينه هي المبنى الإداري الذي كان يحوي، من بين ما يحوي، مكتب طبيب الصحة  المسؤول عن الكشف على البواخر القادمة والتأكد من خلوها من الأمراض المعدية وإلا أمر بنقل ركابها إلى المحجر الواقع في جزيرة أبو سعد جنوب جدة.












 جمرك الركاب:

كما أسلفنا القول فإنه يتم نقل الحجاج من السفن إلى الإسكله بواسطة اللنشات والسنابيك وفي نفس الوقت تنقل أمتعتهم بواسطة السنابيك إلى رصيف جمرك الركاب. وفي جمرك الركاب يتجه الحجاج إلى مكتب نقيب الوكلاء حيث يتم معرفة إسم مطوفهم (السؤال) ومن ثم يوجهون إلى حيث وكيل المطوف الذي يستلم منهم جوازات السفر ويساعدهم في إستلام أمتعتهم ثم يوجههم إلى خارج الجمرك حيث تنتظرهم وسائط النقل لنقلهم إلى مقر سكناهم تمهيدا لنقلهم إلى مكة المكرمة و المدينة المنورة لإتمام نسك العمرة والحج والزيارة.
منظر جمرك الحجاج في العهد السعودي (من أرشيف أرامكو السعودية)
منظر الحجاج بعد خروجهم من الجمرك (من أرشيف أرامكو السعودية)


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البنط:

يتكون البنط من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي: الرصيف البحري والساحات والمستودعات بالإضافة إلى ديوان الجمارك ومكاتب الجمرك


عمال الفرضة وهم يفرغون حمولة سنبوك على رصيف البنط (من أرشيف أرامكو السعودية)


















باب البنط:

يخلط البعض، ومن بينهم مسئولين في أمانة محافظة جدة، بين باب الصبة، أحد أبواب السور القديم الذي هدم في عام ١٩٤٧م، وباب البنط الذي يقع على السور المحيط بمنشآت البنط على الجانب الغربي من شارع الملك عبد العزيز والتي هدمت بعد إفتتاح ميناء جدة الإسلامي جنوب جدة ويعتبرونه من أحد أبواب السور. ويظهر هذا الباب في الصورة أزدناه الأول على اليمين ، ويليه في إتجاه الجنوب مبنى إدارتي المالية و"البندرول" وله ساحة خاصة به بابها يفتح على شارع الملك عبد العزيز مباشرة. و إدارة "البندرول" هي الإدارة المختصة بتحصيل رسوم الدخان والتنباك الوارد إلى جدة عن طريق البحر. كما يظهر في الصورة آمام البنط على الجانب الشرقي لشارع الملك عبد العزيز مبنى الأمير منصور الجنوبي  الذي أنشئ جنوب باب الصبة مباشرة بعد هدم السور.

الجزء الجنوبي من شارع الملك عبد العزيز ويظهر سور البنط ومبنى إدارتي المالية و"البندرول" على اليمين ومبنى الأمير منصور على اليسار (الصورة من أرشيف المعهد الملكي لعلوم المناطق الإستوائية KIT)

بقايا البنط:

لم يبق من منشآت البنط وساحاته سوى جزء بسيط من جمرك الحجاج إستخدمته الأمانة كمواقف لسيارات موظفيها والميدان الواقع بين مركز الفيصلية التجاري وبرج بقشان ومبنى القزاز





وفي آخر عهد المهندس عبد الله المعلمي أمين محافظة جدة السابق تم ترميم هذه الأطلال على النحو المبين أدناه وكان الأمل أن تكون نواة لمتحف يروي تاريخ الميناء القديم ولكن هذا لم يتم.

أطلال جمرك الركاب بعد ترميمها



شكر وتقدير:
بعض المعلومات الواردة في هذا المقال، وخصوصا فيما يتعلق بحركة الحجاج منذ نزولهم على الإسكلة وحتى خروجهم إلى خارج جمرك الركاب، وباب البنط، مستقاة من أحاديث مع الأستاذ محمد درويش رقام.

No comments:

Post a Comment